منتديات حب الاصدقاء



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات حب الاصدقاء

منتديات حب الاصدقاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حب الاصدقاء


    محمود درويش : رائد اللغة الشعرية ( رؤية )

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 1658
    السٌّمعَة : 6
    تاريخ التسجيل : 08/04/2010
    الموقع : www.mooa.yoo7.com

    محمود درويش : رائد اللغة الشعرية ( رؤية ) Empty محمود درويش : رائد اللغة الشعرية ( رؤية )

    مُساهمة  Admin الإثنين أبريل 26, 2010 7:57 am

    محمود درويش . . . رائد اللغة الشعرية

    الشعر واللغة والتجديد والشاعر محاور أساسية في هيكلية الشعر العربي القديم والحديث ، ولعل كلاماً عن الشعر ، وليس بداهة من الكلام عن الشعر مع شاعرٍ وخاصة إذا كان بوزن محمود درويش وحضوره وأثره العام ، ولكن الكثيرين يجدون دائماً مع درويش سؤالاً أحدث من الشعر وأكثر إلحاحاً ، ربما لأن اللغة الشعرية هي الجديدة والراقية ، هي الوجود الأهم في دواوينه وخاصة الأخيرة منها وعلى وجه التحديد ديوانه ( لا تعتذر عما فعلت ) الذي أظهر فيه براعة شعرية متميزة خارجة عن المألوف الشكلي واللغوي في القصيدة العربية وكذلك من الدفق الشعري الكبير الذي ضمّنهُ هذا الديوان .
    محمود درويش الشاعر الذي لا يبتعد عن الشعر والشعراء فهو مرتبط بالشعر ارتباطه بالأرض ، وهو الذي يخصص وقتاً خاصاً لقراءة ما أنتجه الشعراء الآخرين من فتوحات شعرية جديدة .
    ولعل الذي يهمنا هو هذه اللغة الشعرية والمتميزة التي ظهر بها رائداً جديداً من رواد الأدب العربي سواءً في النثر أو الشعر على مر العصور .
    فالحداثة التي يفهمها درويش ليست حداثة شعرية وحسب بل هي مفهوم شامل للمجتمع وهي إعادة النظر في التراث والتاريخ ونقد الذات وفهم العالم الجديد ، إنه يريد من الشعر أن يحدِّث نفسه إلى أن تتم الحداثة بمعناها الشامل وما شعر الرواد إلا تبشير بالحداثة أكثر منه تحقيقاً لعلـها ، فالجيل الجديد ( جيل الشعر الحديث ) ورث حالة شعرية شرعية ولم ينشغل بالصراع مع العمود والتقليد ومع القديم ، ولا بالصراع مع الدين ومع المقدس ، وبرأيه : إذا كانت الأرض ممهدة أكثر لأن يزرع الجيل الجديد تجربته ويغاير أكثر ، فالجيل اللاحق أكثر جرأة من الجيل الذي قبله لأن المناخ بات صالحاً للتجربة وأصبح أي اقتراح شعري حديث مقبولاً عند الذائقة العامة إلى حد الغوص .
    محمود درويش في لغته يعتبر أن الشعر يقول عن الشعر أكثر مما تقول النظرية عن الشعر ، الشعر هو الذي يقول ذاته وعلى المنظِّر أو الناقد أن يستنبط المفهوم الشعري عند الشاعر من خلال قراءته ، فالشعر كما يرى محمود درويش " يجب أن يتحرر مما ليس منه ، وما ليس منه هو الراهن القابل للتبدل السريع " وينبع الإحساس بأهمية اللغة ودورها في جمال القصيدة من مصدرين رئيسيين ، أولهما إدراكٌ واعٍ لدور المثقفين باعتبارهم الطلائع المؤهلة للحفاظ على السلامة اللغوية ، أي المنبع الذي يصدرون عنه في إبداعهم . وهذا ما رأته الشاعرة نازك الملائكة ( قضايا الشعر المعاصر ) حيث تقول : " وقضية اللغة يجب أن تكون أعز علينا من سمعتنا الشخصية باعتبارنا كتاباً مجددين ذوي ثقافة حديثة ) .
    والأمر الثاني : هو الانحرافات والتجاوزات التي حفلت بها دواوين الشعراء المحدثين حتى ظهرت تشكك في قواعد اللغة القديمة ، وتستخف باللغة .
    إن محمود درويش يتعامل مع اللغة تعاملاً جريئاً ومثيراً للاهتمام بنفس الوقت فهو يستخدم المفردات بحيث يوظفها توظيفاً جديداً ، ويجوبُ في التصريف وخاصة الأسماء بحيث يستخرج صيغاً جديدة فهو في قصيدته ( هي جملة أسمية ) استطاع أن يكتب قصيدة كلها أسماء ولا تحوي أي فعلٍ ولها موضوع أيضاً ، لقد مكنّه الإيقاع من حيث جعله قادراً على كتابة إبداعٍ جديد في هيكلية القصيدة العربية حيث يقول : " هي جملة إسمية / لا فعل فيها أو لها : للبحر رائحة الأسرّة / بعد فعل الحب . . . عطرٌ مالحٌ أو حامضٌ / هي جملة إسمية . فرحي / جريحٌ كالغروب على شبابيك الغريبة / زهرتي خضراء كالعنقاء . قلبي فائضٌ / عن حاجتي فترد ما بين بين " .
    هذه القصيدة بل التجربة التي بدأها محمود درويش والذي يتمنى أن يجرب كتابة قصيدة كلها أفعال بل ربما حروف جر وقد تصح .
    إن هذه الأمور - على حد تعبيره – بحاجة إلى تدريب " وحب اللغة وإيقاعيتها ينبغي أن يكون عندك القياس بين اللعب والجد ، أن تلعب إلى درجة بالغة الجدية أو أن تكون جاداً إلى حد العبثية . "
    فالجمالية الشعرية لا توجد خارج اللغة ، فاللغة العربية مليئةٌ بالمفردات والكلمة الواحدة تحوي معاني عديدة وتكرارها وتغيير حركة واحدة منها يخلقان معاني مضادة فاللغة بذاتها تحوي إيقاعات وجماليات واشتقاقات ، فعلى الشاعر أن يلم بمعرفة لغوية جديدة على ألا يسرف في اللعب كثيراً حتى لا يقع في متاهات الغموض والانزياحات عن النص فيقع الشاعر من حيث لا يدري بفخ اللغة الجميل .
    واللغة الشعرية عنده هو أرقى الأشكال اللغوية ومن المفروض أن يكون هو من يحمي اللغة ويجددها ومن وظائف الشعر أن يعطي حياة جديدة للغة فالشاعر هو الذي يجدد اللغة ، ولا تتجدد اللغة إلا على يد الشعراء المبدعين ففي قصيدته ( في القدس ) يظهر تجديد اللغة واضحاً جلياً حيث يقول : " أمشي كأني واحدٌ غيري : وجرحي وردة / بيضاء إنجيلية ، ويداي مثل حمامتين / على الصليب تحلقان وتحملان الأرض / لا أمشي أطير ، أصير غيري في التجلي / لا مكان ولا زمان فمن أنا / أنا لا أنا في حضرة المعراج . لكني / أفكر : وحده كان النبي محمدٌ / يتكلم العربية الفصحى ، " وماذا بعد " / ماذا بعدُ ؟ صاحت فجأة جندية : هو أنت ثانية ؟ ألم أقتلك ؟ قلت قتلتني . . . ونسيت مثلك أن أموت " .
    ومن متابعات محمود درويش في قصائده نجد أن البيت الشعري عنده قد انتهى إلا إذا اقتضى قفل القصيدة أن يكون هناك بيت شعر ، ووضوح السردية والغنائية جليٌ في قصائده الأخيرة وخاصة المزج بين النثر والشعر أمرٌ واردٌ في قصائده كثيراً لذلك نجد هذه العبارات الطويلة في مقاطعه الشعرية التي توحي بكرمٍ لغويٍ يكمن عن غزارة لغوية وتجربة عميقة ، ففي قصيدته ( قل ما تشاء ) في ديوانه لا تعتذر عما فعلت يقول : / قل ما تشاء : ضع النقاط على الحروف / ضع الحروف مع الحروف / لتولد الكلمات / غامضة وواضحة ويبتدأ الكلام / ضع الكلام على المجاز ، ضع المجاز على الخيال / ضع الخيال على تلفته البعيد / ضع البعيد على البعيد / سيولد الإيقاع عند تشابك الصور الغريبة من لقاء الواقعي مع الخيالي المشاكس / وبعد أن عرف محمود درويش أسرار اللغة وقوتها راح يتعامل معها تعامل الخبير المجرب حتى أبدع هذه الألوان الشعرية المتميزة حيث يقول في القصيدة ذاتها :
    / هل كتبت قصيدة ؟ كلا
    لعل هناك ملحاً زائداً أو غامضاً في المفردات
    لعل أرض الرمز خفّت في الكتابة فاستباحتها الرياح
    فالقصيدة زوجة الغد ، وابنة الماضي تخيم في مكان غامض بين الكتابة والكلام
    فهل كتبت قصيدة ؟ كلا
    إذاً ماذا كتبت . . . كتبتُ درساً جامعياً
    واعتزلت الشعر منذ عرفت كيمياء القصيدة . . . واعتزلت / .

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 18, 2024 5:51 pm